تأثير وسائل التواصل
الاجتماعي في الثقافة المجتمعية
تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي دوراً مهماً في ترسيخ
ثقافة مجتمعية جديدة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والتقدم الهائل الذي أحرزته في
مجال الاتصال بين الناس، بحيث باتت لاعباً مهماً، ليس في حياة الأفراد فقط، بل
الأمم أيضاً. ومما لا شك فيه أن طرق الاتصال وأنماطها هي جزء مهم من ثقافة أي
مجتمع. وقد نجحت وسائل الاتصال الحديثة، في زمن قياسي، في ترسيخ طرق جديدة للتواصل
بين الناس، بحيث باتت طرق التواصل التقليدية تعاني التهميش خاصة بين الأجيال
الجديدة. وتعد وسائل الاتصال الاجتماعي الجديدة مثل تويتر، وفيسبوك، ويوتيوب،
وسكايب، وغيرها من وسائل الاتصال سهلة ومتوافرة في يد كل شخص يدرك أهمية هذا النمط
الجديد من التواصل في خدمة أغراضه الحياتية والاتصال مع الآخرين في زمن باتت فيه
وسائل التواصل التقليدية بطيئة أو مكلفة في كثير من الأحيان.
تعتمد وسائل التواصل التقليدية على الحس الفطري
للأفراد وعلى تعاملهم واتصالهم المباشر ببعضهم بعضاً، وعلى إظهار نوع من التقارب
المطلوب مع الآخرين، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي البديل الذي لابدّ منه
للتواصل مع الآخرين. ن وسائل التواصل الحديثة بدأت تهدد تلك الثقافة، ولاسيما أنها
احتلت فعلاً حيزاً كبيراً في حياة الأجيال الجديدة تاركة القليل للثقافة المجتمعية
التقليدية لكي تستمر. ويمكن ملاحظة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في
المناسبات الوطنية والاجتماعية وحتى الدينية كأيام الجمعة ورمضان والأعياد؛ حيث
نافست وبقوة وسائل التواصل التقليدية، وتغلبت عليها في التواصل بين الناس وإرسال
التهاني والتبريكات واستقبال الأخبار. وأمام هذه المنافسة القوية من قبل وسائل
التواصل الجديدة لم يتبق أمام وسائل التواصل التقليدية، إلا القليل لكي تقوم به
لحماية نفسها من تلك الهجمة التي تواجهها. فقد بات تأثيرها محدوداً بفعل انصراف
الكثيرين عنها لصالح منافستها القوية وسائل الاتصال الحديثة.
وقد احتلت وسائل التواصل الجديدة تلك المكانة
بفضل العديد من الإيجابيات التي نجحت في توفيرها لمستخدميها. ولكن على الرغم من
تلك الفوائد التي جلبتها وسائل الاتصال الحديثة لمستخدميها، فإن البعض يلومها على
أنها سبب رئيسي في إحداث شرخ في نمط العلاقات الاجتماعية التقليدية. فتأثيراتها
القوية والعميقة أدت بالتدريج إلى إحداث تغير كبير في نمط حياة الأسر.فمما لا شك فيه أنها أدت إلى ندرة
الزيارات الاجتماعية بين الناس بادعاء الانشغال، كما أدت إلى ضعف العلاقات
الاجتماعية وضعف العلاقات في الأسرة الواحدة. فلا غرو أن يصفها البعض بأنها باتت
"وطناً بديلاً للشباب". وقد نجحت هذه الوسائل القائمة على التكنولوجيا
الحديثة في إحداث نقلة نوعية في حياة الأسر.لقد تسببت وسائل التواصل الجديدة في إحداث تغير في أنماط حياة الأفراد
وثقافتهم على مختلف أعمارهم، ولاسيما بالنسبة إلى الأجيال الجديدة. فكثير من أمراض
العصر المنتشرة بين الشباب كالانطوائية والعزلة الاجتماعية وإدمان الإنترنت والفشل
الدراسي واكتساب عادات وقيم سلبية كالعنف والإجرام هي نتائج مباشرة لذلك التغير
الكبير الذي أصاب ثقافتنا الاجتماعية التي تأثرت كثيراً بمجريات العصر والنقلة
الكبيرة التي شهدتها التكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة.وعلى الرغم من تنامي دور وسائل الاتصال الحديثة، فإن هذا لا يعني أنها
الملامة كلياً على ظهور كل تلك المشكلات المجتمعية. فتلك المشكلات كانت ستحدث
حتماً، إما بسبب ضعف العلاقات الأسرية، وإما بفعل المتغيرات الحضرية التي سوف تصيب
أو أصابت الأسر. ولكن لا شك في أن لهذه الوسائل دوراً مهماً في تنامي تلك المشكلات
بفعل تهيئتها الأرضية المناسبة وسبل التواصل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق