البعد الثقافي للتعليم الالكتروني ( الايجابيات-السلبيات )
مقدمة:
الثقافة هي المعبر الحقيقي عما وصلت إليه البشرية من تقدم فكري، فمن
خلالها يتم رسم المفاهيم والتصورات، كما يتم رسم القيم والسلوك وقد ارتبطت الثقافة
بالوجود الإنساني ارتباطاً متلازماً تطور مع الحياة الإنسانية وفقاً لما يقدمه
الإنسان من إبداع وإنتاج في شتى المجالات، وُتعرف الثقافة بأنها "المنظومة
المعقدة والمتشابكة التي تتضمن اللغات، و المعتقدات، والمعارف، والفنون، والقوانين
والدساتير، والمعايير الخلقية، والقيم، والأعراف والعادات، و التقاليد الاجتماعية،
والمهارات التي يمتلكها أفراد مجتمع معين.
و ما زالت الثقافة هي المحرك الأساس للفعل الإنساني، فمقياس تحضر
الأمم و رقيّها مرتبط بتقدمها الثقافي بكل دلالات اللفظ و محتوياته,الأمم المتقدمة
في عالمنا هي التي استطاعت أن تأخذ بأسباب الثقافة في كافة جوانبها الإنسانية
و العلمية، و أن تحول وعيها الثقافي إلى فعل عام تتقدم به على غيرها، و لقد تعزز
دور الثقافة على المستوى العالمي في العقود الأخيرة من خلال إنشاء عدد من المنظمات
والمؤسسات الثقافية.
وبالنظر إلى العصور السابقة نجد أن تلاقح الثقافات كان بطيئا
لبطء الاتصالات، أما في الأزمنة الحديثة أصبح التلاقح الثقافي جاريا بكثافة غير
مسبوقة على مدار الساعة؛ وذلك بفضل تكنولوجيا الاتصالات المتقدمة وبخاصة البث
الإذاعي المباشر والإنترنت، فالطالب اليوم يتعولم بسرعة، ويكتسب جوانب ثقافية
متعددة طالما انه يستطيع أن يتصل بأي شخص في أي مكان في العالم وذلك بالنقر بزر
الفأرة على شاشة جهاز الكمبيوتر، ولكن الصراع الحضاري الذي فرضته العولمة التي
أصبحت الإنترنت هي أهم مظاهره بحاجة إلى البحث، والدراسة، والمرونة لفرز مظاهر
العولمة، وغربلتها وضبط مظاهرها لتتحول إلى حركة حضارية مفيدة يستفيد منها الطالب
في الحصول على المعلومات والأبحاث والدراسات من جهة، ونحصن ثقافته وخصوصياته من
الاختراق من جهة أخرى، من خلال إعادة تقييم أسس ثقافتنا، والتمسك بما هو أصيل
وحضاري وإنساني في حضارتنا العريقة.
الآثار الايجابية للتعليم
الإلكتروني على المستوى الثقافي
في السنوات الأخيرة كان مصطلح الانفتاح الثقافي يصاغ للإشارة إلى
تلاحم المعرفة والثقافات بين الدول، وإلى زيادة الكمية الهائلة في المعلومات،
وتناقل الباحثون هذا المصطلح بمسميات عديدة منها أزمة المعلومات، المعلومات
والتوثيق، المعلومات والتنمية، ثورة المعلومات، ومع بروز عصر الانفتاح الثقافي و
ماصاحبه من ثورة في الاتصالات، أصبحت الحاجة ملحة إلى الاستفادة من ذلك التقدم
الهائل في الوسائط المتعددة من خلال توظيفها في العملية التعليمية والتعلمية،
واستتبع ذلك ظهور مفاهيم تربوية وتعليمية جديدة وتغيرات متعددة في قاعات الدرس
وتجهيزاتها.
ويمكن تحديد الجوانب الايجابية للتعليم الالكتروني عبر الانترنت في
النواحي الثقافية فيما يلي:
التعليم والبحث العلمي:
أدت شبكة الإنترنت إلى تغير مجتمعنا البشري تغيراً كبيراً وبسرعة؛
نتيجة لتدفق المعلومات، حيث أمكن تحويل كافة أنواع المعلومات إلى الصورة الرقمية،
وانتقالها إلى ملايين من البشر في ثوانٍ قليلة عبر الوسائط الإلكترونية المتعددة
وبخاصة شبكة الويب والبريد الإلكتروني وتحويل الملفات، هذه المعلومات التي كانت
تتطلب ساعات أو حتى أيام للحصول عليها في الفترات السابقة على ظهور الإنترنت.
تكوين علاقات اجتماعية جديدة:
تؤدى الإنترنت دوراً كبيراً في عملية التعارف الاجتماعي، وزيادة
احتكاك الطلاب ببعضهم، ولهذا الدور جانبان رئيسان، هما: تقوية الصلات الاجتماعية
بين الأفراد، واتساع دائرة معارفهم، وعبر الإنترنت يمكن التعرف على أشخاص جدد من
خلال القوائم البريدية، أو مجموعات الأخبار أو غرف الدردشة ، وبالتالي أصبحت الإنترنت
مكاناً مهماً للتفاعل مع الآخرين.
وتتمتع الانترنت ببعض الخصائص تجعلها من أكثر الوسائل التقنية تأثيراً
في ثقافة الطلاب منها:
اللامكان: فالإنترنت يتخطى كل الحواجز المكانية التي حالت منذ فجر التاريخ دون
انتشار الأفكار وامتزاج الناس وتبادل المعارف، وبالتالي تجاوز الحواجز
الاقتصادية والسياسية.
اللازمان: فالسرعة
الكبيرة التي يتم بها نقل المعلومات عبر شبكة الإنترنت تسقط عامل الزمن من
الحسبان، مما يؤدى إلى ما يسمى عصر المساواة المعلوماتية.
التفاعلية: فمن خلال منتديات التفاعل والحوار يمكن الانتقال من دور المستقبل إلى
دور المرسل أو الناشر.
المجانية: أو بصورة أدق شبه المجانية، حيث تتاح الكثير من خدمات الإنترنت بصورة
شبه مجانية.
الربط الدائم: فمن خلال التكنولوجيا المتطورة نستطيع أن نكون على ارتباط دائم
بالإنترنت من خلال حاسبات الجيب والهواتف المحمولة، ونستدعي المعلومات في أي وقت.
السهولة: فخدمات
الإنترنت لا تحتاج إلى خبير معلومات أو مهندس أو مبرمج حتى نحصل عليها؛ فاستخدامها
في غاية السهولة واليسر، ولا يحتاج رواد الشبكة إلى تدريبات معقدة للبدء في
استخدامها، بل إلى مجرد مقدمة لا تتجاوز ساعة مع صديق لتوضيح مباديء الاستخدام.
الآثار السلبية للتعليم الإلكتروني على المستوى الثقافي
يرى البعض أن تواصل الطلاب من خلال المنتديات يكون تواصلا إلكترونيا
عن طريق جهاز الكمبيوتر، وبالتالي لا يكون هناك دفء أو حميمية في العلاقات
الإنسانية بينهم والأشخاص الآخرون، وبالتالي يصعب إمكانية إنشاء علاقات إنسانية
حقيقية حيث تدور النقاشات والحوارات والأحاديث في الأمور الثقافية المختلفة بشكل
إلكتروني.
ويشير كثير من التربويين إلى بعض السلبيات الأخرى للتأثير الثقافي
لشبكة الإنترنت على الطلاب وهى قضية الغزو الثقافي ويعرفونه بأنه الأسلوب الجديد
للإمبريالية العالمية، الذي تحاول من خلاله ضمان استمرار هيمنتها وسيطرتها على
الدول النامية، من خلال ما أطلق عليه بعض المنظرين الأمريكيين " البعد
الرابع"، ويعنون به إحكام النفوذ من خلال الثقافة باعتباره بعداً جديداً يضاف
إلى أبعاد السيطرة السابقة (الاقتصادية والسياسية والعسكرية)، ومن خلال التغلغل
الثقافي يتم نشر مفاهيم ثقافية فكرية معينة تخدم وجود الدول الإمبريالية، حيث يتم
مسخ الثقافة الوطنية وتشويهها، والإقناع بأنها ثقافة متخلفة لا تواكب العصر
ومتطلباته الحضارية، فيصبح كل ما هو أجنبي له السيطرة والتفوق، وهو المثال والنمط
الذي يجب أن يحتذى في كافة ميادين الحياة، وهذا فضلاً عن تأثير ذلك على اللغة
العربية؛ حيث إن معظم الصفحات على شبكة الإنترنت مكتوبة باللغة الإنجليزية، وعدد
الصفحات العربية قليل جداً؛ مما يؤدي إلى هيمنة اللغة الإنجليزية على مستخدمي شبكة
الإنترنت من الطلاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق